أولاً: توطئــة:
لقد دعا القرآن الكريم عباد الله المتقين إلى التأمل فى كتاب رب العالمين ؛ للوصول إلى اليقين الإيمانى ، الذى يتجلى فى قدرة الله على خلق الأشياء.
وقد خطا كثير من المفسرين والعلماء خطوات مباركة ورائعة وهادفة إلى توجيه الإشارات العلمية فى القرآن والسنة وجهة معتدلة ، وقوبلت بحثوهم بالترحاب والتقدير ، وهم كثيرون فى سائر أنحاء العاَلمَيْن العربى والإسلامى ، ولم يتوقف الأمر عند هؤلاء ، بل اتسع وراق البحث فيه لصفوة رائدة من غير الناطقين بالضاد، هؤلاء الذين نعتز بكتاباتهم اعتزازاً كبيراً قال تعالى: )أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا((١).
ونهدف ابتداءً إلى بيان ما فى القرآن الكيرم من إعجاز علمى ، تتعدد مناحى البحث فيه ، من عصر إلى آخر ، خاصة فى المجالات التى تعرض لحياة الإنسان على الأرض ، سعياً إلى الرقى بهذه الحياة لتنعكس على السبل المتعددة للتنمية البشرية كَثِيرًا((٢).
ولا زالت حركة الليل والنهار من أبرز الموضوعات التى حَظِيت ببحوث جادة ، وإن كان القليل منها مضَّيقاً أو متسعاً فى مساحات العرض والتوجيه ، تلك التى لا ينبغى بأى حال من الأحوال أن نسئ الظن بأصحابها ، فى المراحل الناضجة من حياة الأمة الإسلامية والعربية ؛ والتى توهجت فيها الدعوة للحوار الإسلامى الإسلامى من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية
ونتجه بالنداء الواجب والنصيحة اللازمة إلى أصحاب العقل والبصيرة النافذة ، أن يمعنوا النظر الهادف فى آيات الله الكونية بالأرض والسماء ، التزاماً وتقديراً للنص القرآنى العظيم ، الذى قال الحق تبارك وتعالى فيه: )إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ((٣).
ويلزم فى الوقت الراهن – خاصة - توظيف المعارف العلمية المتاحة لمزيد من الفهم والوعى للآيات الكونية فى القرآن الكريم ، تلك التى تُوجّه كثيراً إلى أولى الألباب ، وأهل العقول والبصائر ذلك أن التفكير العلمى هو فريضة إسلامية ، حضّ عليها ، التشريع الإسلامى ، من خلال القرآن الكريم ، ودعا إليها الرسول عليه الصلاة والسلام .
وتعددت الآيات القرآنية ، التى تؤكد حتمية التدبر فى أحوال الليل والنهار ، ورَصْد حركة الزمان وسكونه ، والتى جلاّها القرآن ببيان صادق ، وإعجاز خارق فى قصة أصحاب الكهف والرقيم ، تلك التى تميزت بفصل الخطاب ، وذَخَرت بالعجب العُجاب كعلامات بارزة ، وإشارات هادفة ومؤثرة ، فى مسيرة الحياة الإنسانية.
وقد اهتدى أولو البصائر النيرة ، والقلوب المبصرة إلى أن البحث فى الآيات الكونية بالقرآن الكريم مجال واسع ، وجدير بالمرابطة فيه ، مع صعوبة الإحاطة به ، والسباحة الآمنة فى بحور فيوضاته ، ولذا تبقى قضايا الإعجاز فى كتاب الله متسعة الجوانب على كل مستو من مستويات الإدراك والبيان وسائر الدلالات التشريعية وغيرها، وأن الحقائق الكونية التى حفل القرآن بها مازالت أسرارهُا الكاملة مخبأة فى علم الغيب الإلهى ، وإن كان البحث فيها والتحرّى عنها يفتح كثيراً من مغاليقها ، فمن إعجاز القرآن أنه يُعطى البشر بما يتناسب مع محصولهم المعرفى ، عبر مسيرة الأيام وتاريخ الفكر الإنسانى ، ولهذا الكلام وغيره تعهد رَبُّ العالمين بوقاية كلامه والحفاظ عليه ، واستمرار تفسيره وتقديمه وفق المعطيات المتجددة التى يتميز بها جيل عن آخر.
قال الله تعالى: )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ((٤)
وقد صار الحديث عن النوم – فى السنوات الأخيرة – مجالاً رَحْباً فسيحاً لكشف أسراره وإيضاح ما قيل عنه فى القرآن الكريم ، وبما توصل إليه العلماء القدماء والمحدثون ، وتأكيد أن كلام الله ثابت لا يتغير، أما البحوث المعملية فهى قابلة للتغيير ، فلذلك يلزم رفض القول بتبعية القرآن لها ، وأن السير فى هذا الطريق ينبغى أن يكون خاضعاً للاعتدال فى البحث ، والحذر فى رصد النتائج ؛ حفاظاً على قدسية القرآن الكريم ، ومقاصد البيان النبوى.
ثانياً: النوم فى حياة الإنسان:
لقد تحدث القرآن الكريم عن نوم الإنسان ، وما يجب على المؤمن حياله من نظر وفكر وتأمل ، ومن سعى فى الأرض ؛ ابتغاء رزق الله بعد تمام النوم ، وأن ذلك أدعى لتحقيق اليقظة عند البشر ، واستثمار إدراكاتهم العقلية ، واستماعهم إلى ما يُتلى عليهم من آيات التنزيل الحكيم ، فقال تعالى: )وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ( (٥).
والنوم معروف وهو النعاس ، ونام أى رقد ، وفى الحديث أنه قال فيما يحكى عن ربه: "أنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء ، تقرؤه نائماً ويقظاناً(٦)" أى فى حالتى النوم واليقظة ، أراد أنه لا يُمْحى
أبداً ، بل هو محفوظ فى صدور الذين أُوتوا العلم: )لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ( (٧).
ورجل نُومَه: أى ينام كثيراً ، ويطلق عليه إذا كان خامل الذكر ، وهو الغامض فى الناس ، الذى لا يعرف الشر ، ولا أهله ولا يؤبه له.
والنوم مدة تتميز بعدم النشاط فى الإدراك والشعور ، ومنه يُعوض الجسم ما يفقده من طاقة ، وأكثر أجهزة الجسم راحة فى أثناء النوم: المراكز العليا للمخ التى تختص بالعمليات (العقلية) ويختلف النوم من شخص لآخر ومن حالة لأُخرى(٨).
والرقاد: النوم وقيل هو النوم بالنهار، والرقود: النوم بالليل ، والنعاس: النوم قال تعالى:
)إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ( (٩).
قال القرطبى: "وكان هذا النعاس فى الليلة التى كان القتال من غدها ، فكان النوم عجيباً مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم ، ولكن الله ربط جأشهم ....".
وعن على t وكرم الله وجهه قال: p ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد على فرس أبلق ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله تحت شجرة يصلى ويبكى حتى أصبح (١٠).
هذا وقد أبانت الآية ما حققه النوم للمسلمين يوم بدر من قوة استمدوا منها الطاقة على القتال فى اليوم التالى ، ثم أكسبهم النوم ثقة بالصحة التى تقوّوا بها ، مما أزال الرعب عن قلوبهم
قبل بدء المعركة.
لقد جمع الله بين نوم الناس ونشاطاتهم ، ابتغاء رزق الله ، والتأمل فى مخلوقاته وبحيث ينصرفون إلى سماع الحق ، ورفض الباطل والتواصل الإيجابى مع الحياة.
والنـوم: ظاهرة طبيعية ، وحدث عضوى (فسيولوجى) صامت فى حياة الإنسان ، حيث يقضى فيه ثلث الزمن الذى يحياه فى الدنيا (تقريباً) وذلك مما يَلْحق البشر ، والذى ينتفى تماماً عن الخالق العظيم الذى قال فى قرآنه الحكيم: )لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ((١١).
والسِنَة: هى الحالة التى تلحق الإنسان قبل الاستغراق فى النوم ، أو حالة القائم من نومه الذى لم يسترد وعيه كاملاً.
وفرق بعض العلماء بين السِنَة والنُعاس والنوم فقال: "السنة من الرأس ، والنعاس فى العين ، والنوم فى القلب"(١٢).
وأوصى رسول الله e بالسعى إلى النوم الهادئ ، وذلك بالأخذ عنه e ، فكان إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال: pاللهم أسلمتُ وجهى إليك ، وفوضتُ أمرى إليك ، وألجأت ظهرى إليك ؛ رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا مَنْجَى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذى أنزلت ، وبنبيك الذى أرسلتi(١٣).
ويكون النوم على الجانب الأيمن ابتداء ، كما أوصى رسول الله e بذلك ، تلك الهيئة التى أقرها الأطباء المختصون ؛ لما يترتب عليها من راحة للجسم ، وتحقيق لمزيد من السلامة له ، ويكون على الجانب الأيسر إذا عجزت أعضاء الإنسان عن الاسترخاء على الجانب الأيمن ، وأفادت بعض الدلائل القرآنية أهمية التنقل من جانب لآخر ، أثناء النوم المتواصل لظروف المرض أو غيره ، وذلك أفضل الهيئات ؛ تحاشياً لقرح الفراش وغيرها مما يلحق بالنائمين لفترات طويلة قال تعالى: )وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ((١٤) وكان ذلك فى حق أهل الكهف ، وقال المفسرون لئلا تأكل الأرضُ لحومهم ، واختلفوا فى المدة التى بين كل تقليبة وآخرى ، وأن الزمن الذى يحتاجه الإنسان للنوم يختلف من شخص لآخر ، لاعتبارات كثيرة منها ، كبر السن وظروف المرض ونشاط المخ وقدر النشاط الكهربائى فيه.
وأول النوم الوسن ، وهو يختلف عن وسطه وآخره ، وأن حرمان الجسم من النوم يؤدى إلى اضطرابات كثيرة فى صحة الإنسان ، ويؤثر على ذاكرته وقدرته على الإنتاج والتنمية ، كما سوف نذكر ذلك فيما بعد ، ولذا ينبغى على الإنسان ألاّ يجور على صحته ، بحرمان جسمه مما يستحقه من نوم هادئ ، بلا اضطرابات ، وتحاشى المنبهات ، وما يفقد الإنسان قدرته على نشاطاته الجسمانية والذهنية.
وقد ذكر القرآن الكريم حركة الزمن ، وتقليب الأيام بين الناس ، فجعل الليل للنوم والسكن كما جعل النهار للحركة والسعى ، لتحصيل الرزق مما يستوجب من الناس الذين يستشعرن خشية الله سبحانه وتعالى أن يتوجهوا إليه بالحمد والشكر والثناء ، قال تعالى: )وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ((١٥). حتى يستثمر الخلق معطيات الله سبحانه وتعالى فى الجمع بين الراحة والسكون ليلاً ، والكسب والسعى نهاراً وتأكدت تلك الدلالات فى كثير من الآيات فقال تعالى: )وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا((١٦) ، وقال جلت قدرته: ) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ((١٧).
ولا يؤاخذ النائم على ما يصدر منه ، ولا على ما يوجه إليه ، ذلك أن متطلبات العدالة توجب سقوط التكاليف الشرعية ، وسائر المحاسبات الدنيوية عن النائم نوماً حقيقياً ، فقد روى على بن أبى طالب كرم الله وجهه قال: إنّ النبى قال: p رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبى حتى يحلم (١٨).
ومن السنة أن ينام الإنسان طاهراً ناويا القيام لبعض الليل ، بحيث لا يستغرق فى نومه إلى الصباح ، تاركاً نفسه على هواها ، وغير مدبر لحركة الإيمان فيها ، دون أن يروضها على القيام لجزء من الليل استعدادا للآخرة ، ولقابلية أعضاء الجسم لأن توقف حركتها عن مواصلة الحياة ، إذ أن النوم قريب الشبه بالموت وسماه القرآن الكريم وفاة ، فقال تعالى: )وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ((١٩
وقد ذخرت سيرة الرسول ومسيرة الدعوة وحركة الصحابة والتابعين فى الحياة بكثير من المواقف التى كان النوم فيها عاملاً مهما فى تغيير مجريات الأحداث ، التى أثرت على انتشار الإسلام فى داخل الجزيرة العربية وخارجها ، فقد نام المكيون من كفار قريش أمام بيت الرسول ليلة الهجرة ، ذلك أن الله سبحانه وتعالى ألقى عليهم النوم ، وخرج الرسول من بين صفوفهم وهم نيام لا يستشعرون ما يجرى أمامهم ، فقال تعالى فى ذلك الشأن: )وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ((٢٠).
وتتحقق فى النوم بعض الرؤى المنامية التى تعطى المؤمنين التقاة زاداً يتحملون به كثيراً من تبعات الحياة ، وجرى ذلك مع الرسول قبل فتح مكة ، وساق الله إلى علم سيدنا يوسف ما أمكن أن يفسر ببصرته الأحلام والرؤى ، التى كانت تعرض للنائمين مما جعل له شأناً كبيراً فى عصره.
وهكذا يبقى النوم نعمة من الله يتقوى بها الإنسان على الحركة الإيجابية ، واستثمار بصيرته فيما يفيد من إنتاج وتنمية تعود آثارها على الفرد والمجتمع ، وعند الحرمان لسبب أو لآخر من النوم يفقد الإنسان توازنه ، ويعجز عن إدراة حركته ، ولا يستطيع أن يخطو إلى الأمام الخطوات النافعة ، التى حض الشرع الإسلامى عليها.
ولقد احتسب القرآن الكريم قيمة النوم فى حياة الإنسان وارتباطه بالليل ، وهو وقت الهدوء والسكينة والراحة بما فيه من نوم يستمد الإنسان منه الطاقة والاستعداد ليوم تشرق فيه الشمس من جديد.
ويعطى الليل للإنسان دوافع للتأمل فى خلق الله للزمن ، وما يجرى فيه من أحداث ، ومن قَدْر للعبادة يطول ويقصر حسب استعداد المؤمن للتقوى والورع كالصلاة والذكر وقراءة القرآن فى أجزاءً من الليل ، تحسم ميزان علاقة الإنسان بغيره من البشر ، وما يتمخض عنها من منافع دنيوية ، تأتى فى مقدمتها نعمة الصحة ، التى تستكمل مقوماتها بالنوم الهادئ ، إضافة إلى ارتقاء المؤمن فى مستوى علاقته بربه أولاً ، وبالناس بعد ذلك ، ففى ظل الاستقرار البدنى والنفسى ترتقى مستويات العلاقة التى تشتمل الإنسان مع غيره من البشر ، فيتلطف معهم ويترفق بهم ، ولا يقسو عليهم ، خاصة المقربين منه ، ومن يرتبط بهم ، بمصالح خاصة أو مشتركة ، مما يحتم فى ظلال كل هذه المعطيات أن يستشعر المؤمن كرم الله وأفضاله التى يجب عليه أن يدركها ، ولا يغيب وعيه عنها قال تعالى: )أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ((٢١).
ولهذه الآية نظائر كثيرة تقترب منها فى الصياغة والهدف كقوله تعالى:)هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ ، لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ((٢٢).
وقال جلت قدرته: )مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ((٢٣).
والمعنى أنه سبحانه وتعالى جعل جزءاً من زمن الإنسان فى الحياة ليلاً ينام فيه ، وتستقر أعضاؤه وتنشط ذاكرته ، موظفاً قدراً من ليله للتأمل والعبادة التى تهدأ فيها مسيرة الإنسان على الأرض مما يوجب على عباد الله المتقين أن يدركوا بأبصارهم وبصائرهم هذه المنافع العظيمة.
قال تعالى فى استكمال هذا الشأن من حياة الإنسان: )وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً((٢٤).
وفى ظلال هذا العطاء الإلهى وتوجيهه للناس جميعاً يكون الاستثمار البشرى ، وما يكتنفه من سعى واجتهاد ، وتنمية للمعطيات المتاحة فى الأرض والسماء ، وهو المنهج الواضح والتوجه الإيجابى للشريعة الإسلامية الغراء.
الدكتور/ السيد محمد الديب
الأستاذ بكلية اللغة العربية
جامعة الأزهر - الزقازيـق - مصـر
(١) سورة النساء 82.
(٢) لقد شاركت فى مؤتمر عن هذا الموضوع فى كلية الشريعة جامعة جرش الأهلية بالأردن وذلك فى شهر ذى القعدة 1429 هـ نوفمبر
(تشرين الثانى) 2008م.
(٣) سورة آل عمران 190.
(٤) سورة الحجر 9.
(٥) سورة الروم 23.
(٦) ذكره ابن منظور فى لسان العرب مادة (لسن) جزء 6 صــ 4583.
(٧) سورة فصلت 42.
(٨) الموسوعة الثقافية إشراف د. حسين سعيد طبع دار الشعب 1972 صـ 1006.
(٩) الأنفال 11 – الغشاء الغطاء ويغشيكم: أى يغطيكم ، والآمنة: هى النعاس ، والهاء فى "منه" لله تعالى.
(١٠) فرس أبلق: فيه سواد وبياض.
(١١) سورة البقرة 255.
(١٢) القرطبى جزء 3 صـ 272.
(١٣) رواه البخارى ومسلم ، واللفظ للبخارى حديث (6311) حـ 11 ، صــ 112.
(١٤) سورة الكهف 25.
(١٥) سورة القصص 73.
(١٦) سورة الفرقان 47.
(١٧) سورة النبأ 9.
(١٨) رواه أحمد وأبو داوود والترمذى.
(١٩) سورة الأنعام 60.
(٢٠) سورة يس 9.
(٢١) سورة النمل 86.
(٢٢) سورة يونس 67.
(٢٣) سورة القصص 72.
(٢٤) سورة الإنسان 26.